رمضان في الامة المسلمة

من نعم الله علينا أن يبلغنا صيام رمضان ويعيننا على قيامه ، فهو شهر تتضاعف فيه الحسنات ، وتُرفع فيه الدرجات ، ولله فيه عتقاء من النار ، فيجب على المسلم أن يستغل هذا الشهر بما يعود عليه بالخير ،وفي هذه الأيام المباركة لا بد أن يكون للأسرة المسلمة دور في استغلال هذا الأمر حتى يعم الخير فى المنزل وتحل بركة الشهر الكريم ، ولكننا نرى




الكثير من الاسر التى لا تعطى الشهر مكانته، بل وتستقبله بطريقة لاتعى اهميته وتمر الايام الكريمة دون استغلالها الاستغلال الأمثل .. حول السلبيات التى قد تقع فيها كثير من الاسر المسلمة ، وما يجب على الأب والأم تجاه ابنائهم فى شهر رمضان الكريم ، يحدثنا الدكتور عبد الحميد مدكور الاستاذ بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة ..

محيط: مع قدوم شهر رمضان تفتح أبواب الجنة والتوبة من الذنوب والمعاصى والتى ما أكثرها ،نريد ان نعرف من حضرتك بعض السلبيات التى قد تقع فيها الاسرة المسلمة خلال هذا الشهر ؟
لا شك ان شهر رمضان هو شهر الخيرات لما فيه من طاعات من صيام وصلاة وقيام وزكاة ، ومودة وتآخى ، وما الى ذلك من طاعات مشروعة أمرنا الله بها وكذلك رسولنا الكريم .
فالشهر فرصة للتطهر والتخلص من امور الدنيا التى نعيشها طوال العام، وفى الحقيقة كثير منا لايهتم بالشهر ولا يعطيه كالواجب من الطاعة ،بدء من الاسرة والتى تقع فى الكثير من السلبيات خلاله على سبيل المثال الانفاق الكثير والبذخ التى تشهده فى الشهر ، حيث تسخر الكثير من المال لتصرفه فى المأكل والمشرب بقدر تعجز عنه ميزانية المنزل



بالرغم من ان “خير الذات التقوى” ، لكنهم يبددون الطعام وينفقون اموال تزيد عن مستواهم الأمر الذى يولد صراع يؤدى إلى الإستدانة ،حيث يتحول جزء كبير من ميزانية المنزل للإنفاق على مستلزمات رمضان .
أينعم نحن نأكل مرتين خلال شهر الصيام لكن الإنفاق يصل الى ما يتم صرفه إلى خمس أو ست وجبات وهذا لا يجوز اطلاقاًَ .
محيط: وما الحل من وجهة نظر حضرتك ؟
المؤمن مطالب بالاقتصاد ومن خصائصه عدم الإسراف يقول تعالى “ولا تبذر تبذيراً” ، وعندما لا نتمسك بهذا المبدأ فى العلاقة بين الأسر وبعضها ينتج عن ذلك صراع شديد وجلسات من العتاب وتكثر الهموم نتيجة الإسراف وعدم قدرة الرجل على توفير احتياجات منزله وخاصة فى شهر رمضان ، فكثير من الناس يتخذون شهر رمضان للتفنن في الطعام والشراب والإسراف فيه ، وهو ما يُذهب حلاوة هذا الشهر ويُفوِت على الصائمين بلوغ الحكمة منه وهو تحصيل التقوى
فلما كل ذلك وشريعتنا تحثنا على التعقل والتدبر، ويدعونا شهر الصيام للتفرغ للعبادة والتوجه إلى الله والتغسل من الذنوب الدنيوية.
محيط: ولا يقتصر الأمر على رمضان فقط ، فقد يمتد طوال العام ويستمر هذا الصراع الأمر الذى تضطر فيه المرأة للنزول للعمل ومساعدة الرجل فى الانفاق .. ما رأى الشرع فى ذلك ؟
الاسلام جعل الانفاق واجب على الرجل لا مسئولية المرأة حتى لو كانت غنية وذات مال وتجارة ، ليس عليها شرعاً الانفاق فى البيت الا برضاها وليست مجبرة على ذلك حتى لو كان الزوج معسراً ، يقول تعالى “يا ادم هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنك من الجنة فتشقى ” اى تتعب وتشقى تلبية لمطالب بيتك .ومن ثم لا يصح للزوج اخذ مال زوجته .
محيط: كثير من الزوجات يقصدن من خلال عملهن مساعدة الرجل فى الانفاق فما الحكم فى ذلك ؟
المرأة الحريصة على بيتها تسعد زوجها واولادها بكل السبل ، وكم من وجوه من الإنفاق لا يعيها الزوج وتقوم بها المرأة العاملة برضاها بل وتحرم نفسها احياناَ ، هذا شىء جميل ولا كلام فيه ، لكن هناك انواع من الرجال يصل بهم الحد للطلاق عندما ترفض الزوجة



الإنفاق ، وأنا ادعو هؤلاء الأزواج للتوبة عن هذه السلبية بداية من شهر رمضان ، فهذا الشهر الكريم فرصة طيبة لهم لفتح صفحة بيضاء لمعاملة زوجتهم حتى تعم بركة الشهر على بيتهم وذريتهم .

محيط: وفي هذه الأيام المباركة ماذا يجب على الأب تجاه ابنائه ؟
اذا كانوا فى سن الصيام فمن الضرورى متابعة صيامهم وحثهم عليه لمن قصَّر منهم في حقه، كما يجب تذكيرهم بحقيقة الصيام التأكيد على أنه ليس فقط ترك الطعام والشراب وإنما هو طريق لتحصيل التقوى ، ومناسبة لمغفرة الذنوب وتكفير الخطايا ، كما يجب تعليمهم آداب الطعام من حيث الأكل باليمين ، وتذكيرهم بتحريم الإسراف ، وحال الفقراء والمعدمين ممن لا يجدون لقمة تشبعهم .
وبالنسبة للسحور على الاب التذكير ببركة السحور وأنه يقوي الإنسان على الصيام، فكثير من الابناء قد لا يستيقظون للسحور فعلينا توجيههم بضرورة ذلك لما فيه احياء للسنة النبوية لقوله صلى الله عليه وسلم “تسحروا فان فى السحور بركة ” .
محيط: وماهى الطريقة المثلى لاستغلال الأوقات المباركة فيما يرضى الله عز وجل فى شهر رمضان ؟
يقول تعالى “ولكم فى رسول الله اسوة حسنة” فقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر أنه ” يحيي ليله ويوقظ أهله ” وفي هذا دلالة على أن الأسرة يجب أن تهتم باستغلال شهر رمضان ، فعلى الزوج أن يوقظ زوجته وأولاده للقيام بما يقربهم عند ربهم عز وجل، كأن يصلوا التراويح ويقرأوا القرآن .
واذا تيسر للأب والأم الذهاب إلى العمرة في رمضان فهذا افضل بكثير ، فالعمرة في رمضان لها أجر حجة ، وماافضل من اداء مناسك العمرة لاستغلال الوقت فيما ينفع .
محيط: كلمة يوجهها الدكتور عبد الحميد مدكور للأزواج الذين يحملون زوجاتهم فوق طاقتهن خلال شهر رمضان حيث يطالبهن بالكثير من الأعمال وإعداد مائدة فاخرة ، وذلك دون تقديم ادنى مساعدة ؟

الرسول الكريم جاء لنقتدى به فى كل شىء حتى فى معاملة الزوجة ، فقد كان صلى الله عليه وسلم يساعد زوجاته واذا حضرت الصلاة خرج فهذا لا يعيب الرجل فى شىء ، فهدفه هو سعادة زوجته والحياة الزوجية قائمة على الإيثار والبذل والتضحية حتى يعمر البيت ، فعلى الزوج أن لا يكلف زوجته بما لا طاقة لها من إعداد الطعام ، بل عليه مساعدتها فى التفرغ للعبادة خلال شهر العبادة ، وجعله فرصة للتقرب إلى الله ولم شمل العائلة، فعلى الزوج ان يكون داعية بيته ويقوم بعمل مجلس يُقرأ فيه القرآن ويعلم ابنائه ويوقفهم على معاني الآيات ، واذكركم دائماً ان شهر رمضان فرصة جيدة يهبها الله لعباده حتى يتوبوا اليه ويعودوا لصوابهم ، فاستغلوا هذه الفرصة واغتنموها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
و يقول صلى الله عليه و سلم

إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ رواه البخاري ومسلم






كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ رواه البخاري

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ . وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ

عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فِي الْجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ، فِيهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانَ، لاَ يَدْخُلُهُ إِلاَّ الصَّائِمُونَ رواه البخاري.